روائع مختارة | قطوف إيمانية | عقائد وأفكار | حتى لا يكون مجلس الآباء حبرًا على ورق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > عقائد وأفكار > حتى لا يكون مجلس الآباء حبرًا على ورق


  حتى لا يكون مجلس الآباء حبرًا على ورق
     عدد مرات المشاهدة: 8882        عدد مرات الإرسال: 0

حتى لا يكون مجلس الآباء حبرًا على ورق كثرة أعباء المعلمين وإستفزاز الآباء بالتبرعات من معوقات النجاح.

لاشك أن التعليم أصبح اليوم مسئولية وطنية كبيرة، وأن التعاون بين المدرسة والبيت لصالح الطالب الذى ينفع أمته، من أسس نجاح العملية التعليمية.

وأول ما قامت به اليابان بعد الحرب العالمية الثانية كان الإهتمام بالتعليم فهم إلى جانب عملهم فى المدرسة وقيامهم بتدريبات ودراسات لرفع مستوياتهم العلمية، يهتمون بدقائق الأمور الخاصة بتلاميذهم، كما يقومون بزيارات دورية إلى منازل التلاميذ أو الطلاب للإطمئنان على المناخ العام لإستذكار التلاميذ من ناحية، ومن ناحية أخرى ليؤكدوا التواصل مع الأسرة وتكامل دورها مع المدرسة.

ومع تدنى المستوى الأخلاقى الملاحظ فى سلوكيات أبنائنا بدأت حالة من الإستنفار المجتمعى، وتعالت الأصوات التى تنادى بدور أكثر فاعلية للمجتمع وتكاتف بين مؤسسات الدولة وخاصة المؤسسة التعليمية لما تمثله من محضن تربوى حقيقى وشريك وراع مع البيت فى بث القيم الفاضلة والأخلاق الحميدة.

ونادى البعض بدور أكثر فاعلية لمجلس الآباء بحيث تكون هناك رقابة حقيقية ومشتركة بين البيت والمدرسة تصب فى النهاية لمصلحة الطالب ولمصلحة المجتمع الذى ينمو فيه كإنسان محترم له قيمته ودوره الفاعل.

[] دواعى المشاركة:

ويعد التنسيق بين البيت وإدارة المدرسة لوضع خطة يتم من خلالها تبادل الرأى والتقويم والمتابعة وإتخاذ القرار للإرتقاء بالتعليم والتغلب على المشكلات التى تعترض العملية التعليمية والتربوية، من أهم دواعى إنشاء مجالس الآباء، بالإضافة إلى تقديم الخبرة والرأى لإدارة المدرسة.

والسؤال: كيف يمكننا من خلال التنسيق بين البيت والمدرسة إستعادة الدور الحقيقى لمجلس الآباء فى النهوض بالتعليم وفى العودة إلى القيم والأخلاق المفقودة للمجتمع مرة أخرى؟

فهل إستدعتك مدرسة أولادك يوما ما لحضور مجلس الآباء، إذا كانت الإجابة بنعم، فما الذى حدث داخل هذا الإجتماع وما الفائدة التى عادت على أبنائك وعلى المدرسة نتيجة هذا المجلس؟ ثم ما فائدة مجلس الآباء؟ وماذا يقدم للطالب ولولى الأمر وللمدرس وللمدرسة تلك المنظومة المتكاملة والمتشابكة والتى تمثل لب العملية التعليمية؟

[] نصف قرن:

فى دراسة بحثية للدكتورة سماح رشاد إبراهيم الأستاذ بكلية البنات جامعة عين شمس: أكدت أن البيت والمدرسة هما أبرز المؤسسات الإجتماعية التى تقوم بعملية التنشئة الإجتماعية للطفل، ومن ثم فإن أية محاولة لإصلاح التعليم لن تؤتى ثمارها إلا بتوثيق علاقة الأسرة بالمدرسة وإقامة جسور إتصال بينهما، بحيث يكمل كلاهما عمل الآخر على نحو منسجم متناغم متآزر.

وأشارت إلى أن جهود مصر فى إستحداث نظام لمجالس الآباء بدأ فى منتصف الخمسينيات من القرن العشرين، حيث ظهر أول مجلس رسمى يجمع بين الآباء والمعلمين فى 9/7/1955، وكان يهدف إلى دعم مكانة مجالس الآباء والمعلمين وتوسيع مشاركة الآباء وإعطائهم صلاحيات متعددة لمتابعة العملية التعليمية وفقاً لمعايير محددة من أجل مدرسة أفضل تدار بطريقة ديمقراطية سليمة.

وبينت الدراسة أن دور مجالس الآباء مع المعلمين يكمن فى توثيق الصلات بين الآباء والمعلمين، وتعميق الإنتماء للوطن لدى الأبناء، وتشجيع الجهود الذاتية للمواطنين، بالإضافة إلى تهيئة المناخ المناسب لرعاية المتفوقين، وتعميق الإتجاهات السلوكية والقومية والأخلاقية لدى التلاميذ.

[] معوقـــات:

ومن بين المعوقات التى رصدتها الدراسة والتى تواجه مجالس الآباء والمعلمين وتحول دون قيامها بالدور المنوط بها كاملا:

1= ضعف وعى أعضاء مجالس الآباء بالأهداف والإختصاصات المنوطة بهذه المجالس.

2= عزوف بعض أولياء الأمور عن حضور إجتماعات مجالس الآباء والمعلمين.

3= ضعف الرقابة والمتابعة لأعمال مجالس الآباء والمعلمين.

4= إعتقاد كثير من الآباء بأن مهمة مجالس الآباء تنحصر فى جمع التبرعات، لإصلاح فصول المدرسة ودورات المياه أى دور ممول ومتبرع وهذا ما ينفرهم من الإستجابة وتلبية دعوة إدارة المدرسة، خاصة إذا كانت هذه المدارس حكومية وأولياء الأمور من محدودى الدخل وهو ما يعتبرونه إستفزازًا لهم.

5= ضعف إقبال الأمهات على المشاركة فى أعمال هذه المجالس.

6= ضعف ميزانية هذه المجالس وسوء إستغلالها.

7= كثرة أعباء المعلمين وضيق الوقت المتاح لديهم.

8= وجود فجوة عميقة بين المدرسة والمجتمع المحلى.

[] تدهور العملية التعليمية:

من جانبه، أرجع الدكتور عوض عيسى أستاذ مساعد التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر: تراجع وإنحصار دور مجلس الآباء إلى تدهور المنظومة التعليمية، مشيرا إلى أن إنجراف المنظومة التعليمية عن مسارها الصحيح جرف معها أفكارًا فاعلة كانت موجودة ومنها بالطبع مجلس الآباء، ويرى أنه فى فترة من الفترات كان لمجلس الآباء الدور الداعم والمساند للمدرسة عندما كان هناك بقايا من التعليم الجاد، فكان يراقب مع المدرسة، وكان الإحترام متبادلاً بين الطالب وأستاذه وبين إدارة المدرسة والآباء، وكان هناك حرص على التعليم وعلى مستقبل البلد.

أمر آخر يشير له د. عوض فى تراجع دور مجلس الآباء وهو عدم إهتمام الآباء أنفسهم إذا تم إستدعاؤهم، لأن عدم وجود تعليم جيد وعدم حصول الآباء على الثمرة المرجوة من هذه المدارس وإنضمام أبنائهم بعد التخرج إلى طابور العاطلين أدى إلى فتور الآباء وعدم وجود حماسة فى المشاركة، هذا إلى جانب هروب الآباء من هذه المجالس نتيجة ضغوط الحياة من ناحية، وأسلوب إبتزاز بعض المدارس من ناحية أخرى.

ويرى أنه لن يعود مجلس الآباء إلى سابق عهده ويستعيد دوره الحقيقى إلا إذا صلحت القاعدة لأن مجلس الآباء يأتى فى القمة، فالمنظومة التعليمية تتكون من بيت ومدرسة ومنهج، فمثلا لو صلح البيت فى التربية السليمة ووفر بيئة صحيحة يتبقى العنصران الآخران، فكم إشتكى الناس من إنحراف أبنائهم بعد التحاقهم بالمدارس بسبب ما إكتسبوه من أقرانهم من سلوكيات غير صحيحة.

وينادى بضرورة إستعادة دور مجلس الآباء لما يقوم به من عملية توازن بين إدارة المدرسة والطالب، ولما يتحمله من عبء كبير مع المدرسة، مؤكدًا أن مجلس الآباء يمثل مرحلة متقدمة فى عملية إصلاح المنظومة بشكل عام.

[] المراقبة ضرورة:

وفى حال تفعيل مجلس الآباء فإن له مردودًا نفسيًا إيجابيًا على الطالب، وهذا ما توضحه الدكتورة عائشة ربيع خبير التنمية البشرية: فكلما كان هناك تواصل وتنسيق بين البيئتين التى يتحرك فيهما الطالب وهى البيت والمدرسة كان لذلك تأثيره فى الطالب من حيث المراقبة الذاتية، أما حين تفتر العلاقة بينهما فإن الطالب يتأثر سلبًا بذلك، من الناحية العلمية، والأخلاقية أيضًا.

وتعتبر د. عائشة مجلس الآباء بمثابة لسان حال الطالب فى المدرسة، ويُشعِره بأن هناك من يوصل ما يريده ويستجيب لمطالبه، ومن ثم يعود ذلك بنفسية رائعة على الطالب وبراحة على الآباء، والعائد الأكبر سيكون على المجتمع الذى غرس عند أبنائه الإنتماء له من خلال حبه وإنتمائه لمدرسته.

وتتفق د. عائشة مع الدكتور عوض سعد فى صعوبة عودة الدور المنوط بمجلس الآباء، مشيرةً إلى أن السبب يعود لعزوف الآباء عن المشاركة وعدم وجود جدية من إدارة المدارس. وتضيف: فى حال وجود جدية وإهتمام من إدارة المدرسة تجاه مقترحات ومطالب الآباء، فإن هؤلاء الآباء لن يدخروا مالاً ولا جهدا فى المشاركة لصالح أبنائهم.

تحقيق: إيمان حسن.

المصدر: موقع الجمعية الشرعية الرئيسية.